وردة كالدهان وشقائق النعمان للدكتور فؤاد دمشقي .


عام . مقالات


بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على سيدنا محمد وآله .

أما بعد

يعتقد المسلمون بأننا نتكون من عالمين متداخلين

عالم مرئي " الجسد "

عالم غير مرئي " النفس "

 

النفس ويشكلها مجموعة من مكتسبات

" المعرفة- والرغبة - والعاطفة " ،

وهي لاتفنى ولاتهلك .


والجسد مخلوق لتجسيد هذه المكتسبات في قالب مرئي مادي .

ومقدر عليه الفناء والهلاك .

 

عند الموت ينفصلان

يتحلل المرئي " المجسم "

وينتقل غير المرئي " الجوهر "

 إلى عالم خاص به

هو عالم البرزخ

 

وفيه

تتعذب نفوس المجرمين والمفسدين

وتتنعم نفوس الصالحين والمحسنين.

 

ويعتقد المسلمون بحسب القرآن الكريم

أن البشرية كلها ستفنى بصيحة واحدة

في نهاية مطاف تجربتهم على الأرض.

 

وبعد ذلك يسود

صمت مطبق لكل الضجيج البشري

إلى يوم القيامة الأكبر

حيث تخرج الأجساد من الأرض ويُؤتى من عالم البرزخ

بالنفوس لتلتحم مع أجسادها

ليتم الحساب والقضاء

 

ويوافق زمن هذا اليوم

زمن نهاية عمر الشمس والأرض والقمر وربما الكون .

 

وأن مجموع البشر سيساقون قبل فناء الكون هذا وهلاكه التام

إما للجنة

وإما للجحيم

في عالم وكون غير الذي نعرفه اليوم.

أهم صفة له

الأبدية .

 

في هذا البحث سنتأمل مشهد من مشاهد يوم القيامة  :

 

نشرت وكالة ناسا الفضائية الأمريكية عام 1995 عبر شبكة الأنترنيت صوراً

 لنجم بحجم شمسنا  في مرحلة الموت وفناء الوقود الذري سميت هذه الصورة

وبصورة تطابق بشكلها صورة وردة " شقائق النعمان "الحمراء .  "cat’s eye"

 



وشرح هذه الظاهرة من قبل علماء الفلك في هذه الوكالة كالآتي :

حين نفذ الوقود الذري من هذا النجم ودخل في مرحلة الموت .

انفصلت الطبقات السطحية منه وقذفت في الفضاء مشكلة غيمة سديمية تدور بحركة لولبية مشكلة دوائر متقوقعة حول المركز .

وحجم الغيمة السديمية هذه يماثل ألف مرة حجم النظام الشمسي أي

5900 مليار كيلومتر "والذي يشبهها وردة بقطر 3 سم ! ".

وهذه الصورة هي تسجيل أحفوري للمراحل الأخيرة لتطور النجم وهي موته .

وهي مماثلة للنهاية المحتومة لشمسنا ولكن بعد خمسة مليارات عام .

 

إن هذا المشهد موصوف بدقة في كتاب الله وهو يتحدث عن أحداث يوم القيامة

بقوله تعالى :

( إذا الشمس كورت ) التكوير1

في لسان العرب :

كور الشيء أي لفه وكوره كما تكور العمامة .


وقوله تعالى :

          - "فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان "   الرحمن37

   "فبأي آلاء ربكما تكذبان

   فيومئذ لا يسأل عن ذنبهما إنس ولا جان" .

 

من معاني الدهان "الأديم الأحمر" والمتوافق مع الوردة هو صفة الحمرة ليصبح معنى

وردة كالدهان " كوردة حمراء " .

 

وقوله جل وعلا

- " إذا السماء انفطرت " الانفطار1

- "إذا السماء انشقت "  الانشقاق 1

-"وانشقت السماء فهي يومئذ واهية" الحاقة16

- " يوم تمور السماء موراً".الطور 9

-" ويوم تشقق السماء بالغمام   "  الفرقان25

 

واهية : شديدة الضعف .

والمور هو الدوران ودوران الغبار بالرياح

إن التطابق التام بين هذه الآيات وما تم كشفه يؤكد أن المقصود بالسماء هنا " الشمس ".


ولكن الشمس

هي أيضاً من معاني السماء في القرآن الكريم قبل ذلك :

فبإستعراض معاني ومدلولات لفظ السماء في كتاب الله نجد أنها

تأخذ واحد من ثلاث معاني:

- الغلاف الجوي :

  لقوله تعالى " وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً " فصلت 12

 

-الكون كله :

أو مجموع المجرات لقوله تعالى " والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون " الذاريات 47.

 

-الشمس :

بقوله تعالى " أانتم أشد خلقاً أم السماء بناها  رفع سمكها فسواها  وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها  " النازعات 28 .

" رفع سمكها  " تدل على زياد الحجم  وهذا لايكون إلا بتحول المادة من الصلب إلى السائل إلى الغاز بالإنفجار والحرارة.

"أغطش ليلها " يعني أزال ظلمتها .

" أخرج ضحاها " أي أتم نورها .

 وهذه المعاني مطابقة بالمطلق مع مفردة  سماوية متفجرة تشع نوراً

وهذه الأوصاف لا تأخذها أي مفردة في الكون سوى النجم .

ولما ذكر أن الأرض بعد ذلك دحاها علمنا أنه يقصد بهذا النجم " شمسنا "

 

ليصيح معنى الآيات :

إذا انشقت الشمس بالغمام العاصف كما تعصف الريح بالغبار وتكور هذا الغمام عليها وهي حينئذ واهية في منتهى الضعف فعندئذ يكون يوم القيامة .

وعندما يزداد انشقاق الغمام ليصبح كوردة حمراء حينها يكون الحساب قد انتهى لأن هذه الغمامة ستدمر الأرض كلها .

ويكون أهل النار قد سيقوا إلى جهنم وأهل الجنة قد سيقوا إلى جنات النعيم .

وهو التوصيف العلمي الدقيق والكامل لنجم بحجم شمسنا عند موته ونهاية نشاطه !.

 

النتيجة الأولى :

إن التطابق بين هاتين الصورتين وهذه الآيات الكريمة هي إحدى الصور الإبداعية اللانهائية في الوجود ،

والدالة على أن القرآن الكريم كتاب إلهي

ويستحيل أن ينطق به بشر .

 

النتيجة الثانية :

عالم البرزخ  

سيطول خمسة مليارات عام .

 "وهو العالم الذي ترزخ فيه أرواحنا التي لاتفنى ولاتهلك

 بعد انفصال أجسادنا عنها بالموت وحتى قيامها والتحامها معها  "

وبحسب مااكتسبت نفوسنا

سترزخ إما في العذاب  أو النعيم .

قبل القيام

والسوق الأكبر إلى عالمي

 الجنة أو النار الأبديين .

قَال الله تَبَارَكَ وَتَعَالى

 ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِسورة غافر الآية 46.